كان فيثاغوراس…من أهم من شهدت الدنيا من رجال من الوجهة العقلية … ذلك أن الرياضيات بمعنى التدليل القياسي القاطع تبدأ مع فيثاغوراس . و هي عنده مرتبطة ارتباطا وثيقا بصورة عجيبة من التصوف . و لم يزل تأثير الرياضيات في الفلسفة الذي يعزى إليه إلى حد ما , لم يزل منذ عهده حتى اليوم . (عن تاريخ الفلسفة الغربية لبرتراند راسل ج 1 ص 62) .
و كلنا نعلم أن فيثاغوراس قد ذهب الى أن الأشياء كلها أعداد …..و بهذا أراد أن يجعل علم الحساب هو الدراسة الرئيسية في علم الطبيعة و علم الجمال . ( نفس المرجع ص 68)
مع أرسطو مكتشف المنطق نجد تعريفا لهذه الآلة ( التي تنظم العالم حسب اعتقاده ) فعرفها بقوله ( آلة تعصم الذهن من الزلل ) و قد بقي المنطق الأرسطي ردحا من الزمن معيارا لكل العلوم الى عصر النهضة الأوروبية رغم مؤاخذات بعض المسلمين له و طعن بعضهم فيه كابن تيمية الذي كتب كتابا سماه ( كتاب الرد على المنطقيين ).
جاء محمد بن موسى الخوارزمي ليضع الصفر و يضع اللبنات الأولى لعلم الجبر و المعادلات الجبرية و هو يعتقد أن الرياضيات نصف العلم و أن خدمة الرياضيات خدمة للدين .
ثم يأتي العالم الفرنسي روني ديكارت فيكتب ست (6) مجلدات خصص خمسة و نصفا منها (5.5) للرياضيات و النصف الباقي للفلسفة فكان يقرر أن النموذج الأمثل للتعليل هو الرياضيات …. و بعده غاليلي غاليليو يقرر مرة أخرى أن ( الرياضيات هي اللغة التي خلق الله الكون بها ) و لكن هذه المرة اعتقد غاليلي بأن الكون يحكمه قانون الحركة لذلك كتب عن قانون الحركة و عن قانون القصور .و لما جاء الإنجليزي إسحاق نيوتن مؤسس الفيزياء الحديثة ( المعروفة بالفيزياء الكلاسيكية ) رأى أن الجاذبية هي القانون الذي يحكم و ينظم الكون و لا يمكن لجسم من الأجسام أن يخرج عنه .
بعد ذلك يرى الفيلسوف الألماني هيجل أن الجدل الفيزيائي هو القانون الذي يحكم كل العلاقات الكونية و له تخضع كل العلوم و كل الموجودات …( مع تنزيه الفكرة المطلقة التي هي الله و عالم الغيب ) و هنا يبدو تأثره بالفيزياء الكلاسيكية والميكانيكا ….و هو النهج الذي سيسلكه بعده كارل ماركس ( ألمانيا ) و فريديريك انجلز ( انجلترا ) في الفلسفة الماركسية المتجلية في المادية الجدلية و المادية التاريخية و كانا يعتقدان أن الكون و جميع العلوم … تحكمه الجدلية الفيزيائية المتمثلة في القوانين الثلاث ( قانون وحدة و صراع المتناقضات . و قانون التحول من الكم الى الكيف . و قانون نفي النفي ) .
و كملاحظة لا أريد أن أتوقف عن الفرق بين الجدل الهيجلي و الجدل الماركسيو لا أن أتحدث عما تعرضت له الماركسية من انتقادات كثيرة (خاصة من طرف الفلاسفة البنيويين ) و قولهم أن قوانين الفيزياء الكلاسيكية لا تنطبق و لا تخضع لها العلوم الأخرى . ( لأن هذا موضوع آخر )
لما جاء البنيويون بدءا من العالم اللغوي السيوسري فرديناند دوسوسير الى الفرنسي لويس التوسير و كلود لوفي ستراوس و السويسري جان بياجي … و غيرهم … حالوا تعميم منهج دراسة الجيولوجيا و البيولوجيا على جميع العلوم الحقة و الإنسانية ورأووا أن دراسة العلاقات بين عناصر و مكونات البنية السانكرونية ( أفقية ) و الدياكرونية ( عمودية ) كفيلة بالتنبؤ بما سيجري في البنية المثيلة …..
خلافا لذلك يرى البرت انشتاين أن قانون النسبية هو القانون الذي يخضع له الكون و أن الفيزياء الكوانتية تقتضي ضرورة الإرتياب … لذلك لا بد للخالق أن يكون عليما بكل شيء .
هذا جرد تاريخي مختصر و مركز جدا .. حاولت فيه عرض النسق الذي حكم فكر كثير من العلماء و الفلاسفة عبر التاريخ .لتنميط نسقهم على الكون … و الملاحظ يدرك أن التصور النسقي نسبي و غير مطلق . ذلك أن كل علم له حده و موضوعه و هدفه وثمرته و قوانينه و خصوصياته ……
وحتى يفهم الكلام نعطي أمثلة من قوانين الفيزياء المعروفة التي لا تنطبق على عيرها من العلوم فلو أخذنا معدنا من المعادن لخضع للتمدد بفعل الحرارة و تقلص بفعل البرودة و ذاب من شدة الحرارة …و إذا طبقنا التجربة على نبات أو قطعة من اللحم فلن نصل إلى نفس النتيجة …… و لو أخذنا قوانين البيولوجيا لنطبقها على الفيزياء لما انطبقت عليها … فلو أخذنا قطعة من الحديد و أعطيناها الماء و التراب و أشعة الشمس …..فمن الحماقة أن يحصل لها انقسام خلوي .أو تنمو لتصبح شجرة …. لكن في الرياضيات هناك موضوع اسمه دراسة الدوال و فيه شيء اسمه مجال التعريف و هو قانون يقضي بأن يكون لكل دالة مجال تعريفها و ما يدخل في المجال و ما لا يدخل فيه … و هو الفانون الذي يمكن أن ينطبق على كل العلوم فعلا ….
و الى خاطرة أخري إن شاء الله
كتب بواسطة OULALIT AHMED
أسعد القيسي من المملكة الاردنية الهاشمية مدير ومؤسس موقع القيسي ويب | الأفضل لكم بدايتي في مجال التدوين من 2011 وفي هذه المدونة اتعلم وانقل لكم كل ما اجده مفيد لكل شخص يهتم بعالم الويب والمدونات.
0 التعليقات:
إرسال تعليق