(728x90)اعلان

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

السبت، 27 فبراير 2016

البعد الديني للرياضيات 2

شارك المقال

عصر النهضة و ما بعده


هبت ريح النهضة على أوروبا من العالم الإسلامي خلال القرنين الثاني عشر و الثالث عشر , و لم تعط ثمارها إلا ابتداء من القرن السادس عشر لأن الصراع بينهما – طيلة قرون – كان يغذي و يشحن التعصب الأروبي و الإحتياط من كل ما هو شرقي و كانو يحتاطون مما ينقلونه عن المسلمين . و أحيانا كانوا يطمسون هوية بعض المراجع الإسلامية و ينسبون محتوياتها إلى أنفسهم و أحيانا أخرى يغيرون الأسماء الإسلامية لتصبح لها نبرة لاتينية ( ابن رشد و ابن سينا و أبو القاسم الزهراوي و ابن باجة ….) بسبب الحروب الطويلة في إسبانيا , و الحروب في تركيا( طيلة العصر العباسي ) , و الحروب الصليبية ثم اجتياح العثمانيين لأوروبا الشرقية كل ذلك كان له الأثر البالغ في هذا الحذر و الإحتياط … ولكن الترجمة عن العربية لم تتوقف لأنها لغة حافظت على التراث الإغريقي والروماني و الهندي … و من سمات الرياضيات عند العرب أنهم كانوا يتكلمونها و يكتبونها بالألفاظ إل الأرقام التي كانت رموزا ( رغم محاولت بعضهم من المتأخرين للتعامل مع الرموز بدل الألفاظ كالبيروني و ثابت بن قرة ..) يقول جون ماكليش في ( العدد) ص187 : ( أما في أوروبا المسيحية فلقد كان تقليدا طوال ما يقرب من أربعة قرون من الزمن تشويه سمعة المساهمة العربية في الرياضيات , و إن كان الأمر لم يكن كذلك في العلوم الأخرى مثل الكيمياء و النبات و الصيدلة و الطب , إذ كان المؤرخون لها أكثر موضوعية , فاعترفوا بالإنجازات العربية …) .
كان الرياضي الفرنسي فرانسوا فييت( francois viete 1540 – 1603م) أول من نادى إلى إستعمال الرموز في الرياضيات فكان أول من استعمل الحروف للدلالة على الأرقام (مثل أ ب ـ ج …) و كان أول من استعمل الحروف للدلالة على الأبعاد الثلاثة : فكان يرمز بحرف ( أ ) مثلا بدل كتابة المستقيم . و يرمز ( أ.أ ) للدلالة على المربع . و يرمز ( أ.أ.أ) مقابل المكعب …..و ترى الكتب الفرنسية أنه كان محامي العائلات البروستانتية في مملكة فرنسا الكاثوليكية ….
ثم يأتي بعده علماء منهم روني ديكارت René Descartes ( 1596 – 1650 م) أبو الفلسفة الحديثة . اخترع نظاما رياضيا سمي باسمه و هو ( نظام الإحداثيات الديكارتية ) الذي شكل النواة للهندسة التحليلية . ألف ست مجلدات من الحجم الكبير منها نصف مجلد في الفلسفة و ما بقي كله في الرياضيات لأنه كان يرى أن الرياضيات هي (العلم الشمولي).و بالتالي كان يريد أن تصل الفلسفة إلى نفس الدقة المنهجية و اليقين المطلق الذي وصلته الرياضيات في عصره وعلى يديه هو شخصياً . كما كان يسعى من تطبيق منهجه الرياضي على الفلسفة إلى الوصول إلى نقطة أولى يقينية واضحة بذاتها يؤسس عليها فلسفته كلها . و هي وجود الأنا أفكر . فهذا الأنا أفكر كان بالنسبة له المبدأ الأول الشبيه بمبادئ الرياضيات التي تؤسس لكل المبرهنات الرياضية التالية عليها . كما يسير ديكارت بالطريقة الإستنباطية السائدة في الرياضيات في مذهبه الفلسفي حيث يستنبط وجود الله و العالم و خلود النفس . فبرهن على وجود الله في كتابه ( تأملات فلسفية ) في التأمل الثالث بثلاث أدلة : الدليل الأول : دليل الكمال الإلهي . و الدليل الثاني : إثبات الوجود الإلهي انطلاقا من وجوده هو ( وجود ديكارت) . الدليل الثالث : الدليل الأنطولوجي .
يقوم منهجه على أساسين هما :
1-البداهة : أي التصور الذي يتولد في نفس سليمة منتبهة عن مجرد الأنوار العقلية .
2-الإستنباط : أي العملية العقلية التي تنقلها من الفكرة البديهة إلى نتيجة أخرى تصدر عنها بالضرورة .
لقد سبق أن تحدثنا عن ( رهان باسكال ) الذي حاول عالم الرياضيات الفرنسي بليز باسكال Blaise Pascal (1623 – 1662) من خلاله البرهنة على وجود الله رياضيا
باسكال صاحب كتاب (الرسائل الريفية ) اهتم بالهندسة المتناهية الصغر و عالج الهندسة الإسقاطية و تناول المخروطيات و اهتم بالدائرة والمخروط و الكرة .حتى اعتبر من عباقرة الفكر الرياضي .
ويمكن تلخيص رهانه في ما يلي :
إن آمنت بالله و كان الله موجودا , فسيكون جزاءك الخلود في الجنة , و هذا ربح لا محدود .
-إن لم تؤمن بالله و كان الله موجودا , فسيكون جزاؤك الخلود في جهنم , و هذه خسارة لا محدودة .
إن آمنت بالله و كان الله غير موجود فلن تجزى على ذلك و هذه خسارة محدودة .
إن لو تؤمن بالله و كان الله غير موجود , فلن تعاقب لكنك ستكون قد عشت حياتك وهذا ربح محدود .
الله غير موجود الله موجود
خسارة غير مهمة ربح غير محدود في الجنة الإيمان بالله
ربح غير مهم خسارة لا محدودة في النار عدم الإيمان بالله
جون نابيير john napier (1550 – 1617) عالم الرياضيات الإنجليزي ( الذي كان لا يهتم بالرياضيات إلا في أوقات فراغه طيله عشرين سنة ) واضع كتاب ( المدفع الخارق للوغارتمات ) الذي أظهر فيه اللوغاريتمات و علاقتها بالمتتاليات بالشكل الذي نعرفه اليوم . وهو مخترع آلة الحساب التي أطلق عليها ( عظمات نابيير ) . و هو من أدخل الفاصلة في الرياضيات فسهلت الكثيرمن العمليات الحسابية عن عامة الناس . لقد كرس حياته لمحاربة الباباوات الكاثوليك الذين كان يعتبرهم أعداء للمسيح حتى أنه قال في مقدمة كتابه ( الكشف الواضح للسفر الكامل للقديس جون ) الذي أهداه للملك اسكوتلندا جيمس السادس : ( ليكن هدف جلالتكم المتواصل إصلاح الفساد الشامل في بلدكم , و لتبدأوا أولا من بيت جلالتكم و عائلتكم و بلاطكم , ولتطهروا ما ذكر آنفا من من كل شك الباباويين و الملحدين و المحايدين ) .
يرى بعض الباحثين أن ثورته في الرياضيات و العزم على تسهيلها لتصبح في متناول كل الناس هو ثورة على الكنيسة الكاثوليكية المحتكرة لتفسير الكتاب المقدس . و يقول صاحب ( العدد ) : لقد أراد في الواقع , أن يقضي تماما على الحساب كما كان معمولا به و يستبدل به نظاما نسبيا بسيطا للغاية بحيث يمكن لأي شخص – و لو كان طفلا أو حتى آلة – التعامل مع هذا النظام .
فرانسيس بيكون francis bacon.: ( الفيلسوف و الرياضي و الفيزيائي الإنجليزي) (1561 – 1626 )
أهم كتبه هو ( تقدم التعلم ) و هو ما سماه إعادة البناء العظمى . لم يفرق بيكون بين ( التعلم ) و ما دعاه الفلسفة . كما لم يفرق بين الفلسفة و ما يدعى الآن ( علما ت, و هما : أولا : تلمس الطريق في الظلام دون خطة . ثانيا : الإهتداء بنصوص القدماء . أما الطريق الصحيح فهو بناء المعرفة بتجريبها متقدمين من تجربة إلى أخرى . يجب أن نتعلم قوانين الطبيعة . و هذه لا يمكن استنتاجها من المنطق أو من المتعارف أو من الكتب , بل من دراسة متفحصة للطبيعة ذاتها و اختبارها .
و يدعى بيكون أن هدف الإنسانية الأول في العلم هو السيطرة على الطبيعة .
في الصفحة 190 نقرأ : طور ( بيكون ) الماسونية ( وهي مزيج من شعائر نقابات تجار القرون الوسطى و معاني الأعداد السحرية عند قدماء المصريين و الفرس ) , و أدخل هذه الجماعة السرية إلى بريطانيا . و أخيرا – و هذا ليس سرا – حمل لواء الدعوة المهمة جدا إلى العلماء و الفلاسفة في أن تطور العلوم الطبيعية و الفيزيائية ضروري جدا . و صاغ ذلك في عبارة رنانة إذ قال ” إنها تسهم في تحرير الإنسان ” .
.اسحاق نيوتن isaac newton: الرياضي و الفلكي و الفيزيائي سنكتفي بقولته الشهيرة ( إذا توصلت لشيء , فذلك لأنني أقف على أكتاف العمالقة ) يقصد تواضعه أمام العلماء السابقين .
و ما كتب على قبره بدير ( وست منستر ) : هنا يرقد اسحاق نيوتن . الفارس الذي بقوة وهبها له الله في عقله , و بالمبادئ الرياضية التي وضعها بنفسه , اكتشف مسارات و أشكال الكواكب , و مسارات المذنبات , و مد و جزر البحر , و اختلاف أشعة
الكتاب المقدس , أظهر بفلسفته عظمه الله العظيم , و أظهر بساطة الإنجيل . كبشر نسعد بوجود شخص ما كهذا , زين وجود الجنس البشري . ولد في 25 ديسمبر 1642 و توفي في 20 مارس 1727 .
كان يرفض عقيدة التثليث و يعتبر عبادة عيسى عليه السلام عبادة للأصنام و يؤمن بأن اكتشاف القوانين ستبين بساطة المخلوقات أمام الخالق العظيم لذلك اعتكف في آخر أيامه لدراسة الدين المسيحي .
يقول غوتفريد فلهلم لايبنتز ( 1646 – 1716 ) و هو واضع المنطق الرياضي و ارتبط اسمه بالدالة الرياضية …” أستنتج بأن هذا الكون هو أكمل خلق الله بحيث لا يمكن أن يوجد أكمل منه”
ألبرت أينشتاين albert einstein (1879-1955) صاحب النسبية العامة و النسبية الخاصة . استطاع أن يفك لغز الضوء فقال بأنه موجات و فوتونات في نفس الوقت . وقال بانتشار موجات الضوء بسرعة ثابتة سواء في الماء أو في الهواء … ربط أينشتاين بين الجاذبية و الزمن و بين أن الزمن يتسارع في مناطق الجاذبية الشديدة … كما بين أن الطاقة الموجودة في أي جسم هي كتلته مضروبة في سرعة الضوء .E=m . c² المربعة
ميكانيكا الكم التي أبدعها ماكس بلانك و طورها ألبرت أينشتاين تقوم على الإحتمالات بصورة أساسية : إذا كان عنذك إلكترون طاقته كذا () و اصطدم بحاجز من الطاقة صفاته كذا () فإن ميكانيكا الكم لا تخبرك إن كان الإلكترون سيعبر الحاجز أم لا . بل تخبرك بأنه سيعبر الحاجز باحتمالية معينة مثل 30% . و لو اصطدم 100 إلكترون بنفس الحاجز لعبر منهم 30 فقط ولكن لا يمكننا أن نعرف أيهم بالضبط سيعبر و أيهم سيتوقف . كل شيء في ميكانيكا الكم قائم على الاحتمالات و عدم اليقين و لا شيء محدد , لذلك هناك قانون شهير في ميكانيكا الكم يقول ( يمكنك أن تقيس سرعة الإلكترون أو تعرف مكانه , لكن لا يمكنك أن تعرف الإثنين معا في نفس الوقت و هذا ما يعرف بمبدأ عدم اليقين ) كانت هذه هي مشكلة أينشتاين الذي كان يؤمن بأن خالق الكون كلي القدرة و كلي العلم لكن في الديانة اليهودية و المسيحية نرى الله يجهل الكثير , كثير النسيان قدرته محدودة و هذا تناقض رفضه أينشتاين فقال : ” الله لا يلعب النرد ” ( النرد هو لعبة الدومينو ذات 6 أوجه ) هنا رد عليه صديقه هايزمبرغ صاحب مبدأ عدم اليقين في ميكانيكا الكم قائلا  ربما هو بالغعل يلعب النرد ) لذلك اعتكف انشتاين آخر أيامه إلى أن مات باحثا عن علم الإنسان النسبي و علم الله و قدرته المطلقة… و السبب هو تعصبه لليهودية , التي تصف الله بالقصور و القدرة النسبية و العلم المحدود . و أن الإنسان مثله مثل الله ( اعتراف الرب بخطئه و صحة رأي الحاخامات اليهود … أو انتصار سيدنا يعقوب على الرب عندما صارعه في الليل حتى قبيل الفجر … ) وربما يرجع ذلك أو ربما يرجع السبب إلى الموجة المضادة التي قادها علماء ميكانيكا الكم الذين لا يؤمنون بقدرة الله … فظل يبحث عن هذه الثغرة في العلم إلى أن مات بدل أن يبحث عنها في الدين اليهودي … .
هذه باختصار أهم الملاحظات حول البعد الديني للرياضيات , و للإخوة المختصين في الفلسفة و الرياضيات التوسع فيه و تجاوز ما في هذا البحث المتواضع من نقص أو أخطاء , و نتمنى أن يكون مقدمة لأقلام تتحرك و تنبري للكتابة في موضوع تعاني فيه مكتبتنا العربية من فقر و قلة في الكتب و المراجع , فيعمل على إغنائها .و إلى خاطرة أخرى , أخوكم أولاليت أحمد

كتب بواسطة

أسعد القيسي من المملكة الاردنية الهاشمية مدير ومؤسس موقع القيسي ويب | الأفضل لكم بدايتي في مجال التدوين من 2011 وفي هذه المدونة اتعلم وانقل لكم كل ما اجده مفيد لكل شخص يهتم بعالم الويب والمدونات.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة © 2016 أولاليت أحمد تصميم القيسي ويب | الأفضل لكم