(728x90)اعلان

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

السبت، 27 فبراير 2016

البعد الديني للرياضيات

شارك المقال

 

 

العلم و العلماء
عند الهنود :
جاء في كتاب ( العدد ) وهو من سلسلة عالم المعرفة عدد251 لشهر نوفمبر 1999 الصفحة 138 : كان لدى مركز ( جاينا ) الديني في باتاليبوترا (باتنا الحديثة في شمال شرق الهند ) مدرسة استمرت عدة قرون مابعد القرن الأول قبل الميلاد. كان مؤسس طائفة “المهاريفا ” الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد , رياضياتيا , و كانت الرياضيات جزءا من التعليم الديني في ( جاينا )على الدوام . تعامل عدد من النصوص المقدسة مع ( كانيتانيوغا )أي نظام الحسابات . و من الممكن أن يكون فيثاغوراس و بلانو درسا أفكار جاينا في الرياضيات .
عند اليونانيين :
و نقتطف من الصفحتين 115 و 116 ما يلي ( بتصرف ) : و في عام 500 قبل الميلاد سافر ( فيثاغورس Pythagoras) إلى كروتون في جنوب إيطاليا حيث ألف خلية سرية ( دينية , و ليست معنية بالرياضيات ) كرسها لإستكشاف أسرار العدد . كانت هذه الخلية مغالية في المحافظة و فاشيستية , أعضاؤها من النباتيين الزهاد . و لم تكن الجمعية ” منظمة إخاء ” و إنما كانت مجموعة من العائلات . و قد تكون نموذجا للمجتمع المثالي الذي نادى به أفلاطون في ( جمهوريته ) . 
آمن فيثاغورس بخمس أفكار أساسية …. و كانت على النحو التالي : 
1 : لقد خلق الكون و استمر وجوده وفق خطة مقدسة . و الحقيقة المطلقة ليست بل روحية . إنها مؤلفة من أفكار العدد و الشكل . إن الأفكار هي مفاهيم مقدسة أسمى من المادة و مستقلة عنها . 
2 :خلق الله الأرواح على شكل كائنات روحانية . الروح هي عدد متحرك ذاتيا ينتقل من جسم إلى آخر ….. 
3 : ثمة تناسق و نظام داخليان في الكون . و هذا ينتج من اتحاد المتضادات . يوجد عشر متضادات أساسية تتفاعل بعضها مع البعض الآخر , و كل منها يؤدي وظيفتة إبداعية . و هذه المتضادات , التي تكمن في أساس العالم كما نعرفه, هي : الفردي / الزوجي . الذكر / الأنثى . الخير/ الشر . الرطب / الجاف . اليمين / اليسار . السكون / الحركة . الحار / البارد . المضيء المظلم , المستقيم / المنحني . المحدود / غير المحدود .
4 : إن أهم المبادئ السامية في العلاقات الإنسانية هي الصداقة و التواضع ….
5 إن الأفكار المقدسة , التي خلقت الكون و تقوم بالحفاظ عليه , هي تلك الأفكار المتعلقة بالعدد . 
و يرى الدكتور محمد عابد الجابري في كتابه ( تطور الفكر الرياضي و العقلانية المعاصرة ) ( فيما معناه ) أن فيثاغورس وتلاميذه عرفوا الجذور لبعض الأعداد( مثل 4 و 9 و 16 و 25 …. ) و لكنهم صدموا عندما اكتشفوا أعدادا ” غربية “لا تقبل القياس و هي الأعداد التي عرفت منذ ذلك الوقت بالأعداد ” اللاعقلية “أي التي لا يتصورها العقل تمام التصور , و قد سماها العرب بالأعداد الصماء ( ص 74) … 
وهكذا فعندما أراد فيثاغورس التعبيرعن الأطوال الهندسية بأعداد حسابية اصطدم بالأعداد الصماء التي لا تقبل القياس المضبوط , فاعتبر ذلك فضيحة يجب إخفاؤها و أوصى تلاميذه بكتمان السر حتى لا تصيبهم مصيبة . و لعل هذا كان من العوامل التي جعلت الفيثاغوريين يجنحون إلى كتمان أمرهم , فلقد كانوا جمعية سرية كما هو معروف . و لربما كان ذلك أيضا من جملة العوامل التي جعلت اليونان ينصرفون عن الحساب جملة و يقتصرون على الهندسة .
و الحقيقة أن الأمر يتعلق هنا بتصور الإغريق للحوادث و الظواهر , فالعالم عندهم لا يخلق الحادث و إنمل يتأمله . و المعرفة عندهم رؤية عقلية مباشرة قوامها الحدس العقلي . 
و جاء في الكتاب المدرسي ( دروس الفلسفة ) للأساتدة : محمد عابد الجابري . و أحمد السطاتي . و مصطفى العمري الصفحة 128 : أن الصيغة الميتافيزيقية التي اكتساها منطق أرسطو و ارتباطه بمبادئ الأنطولوجية جعلته يتسم بطابع سكوني , ففي نظر أرسطو Aristotle لا توجد سوى حقيقة واحدة ثابتة كلية , إليها ترتد كل الحقائق الجزئية و منها تصدر . و هذه الحقيقة الكلية ليست كاملة في صلب الظواهر المحسوسة بل مستمرة خلفها فيما يسمى بعالم ما وراء الطبيعة , و لذلك كله نشأ إيمان بقيمة القياس باعتباره وسيلة و أداة تساعد الفكر في استنباط الحقائق الجزئية المتولدة من صلب الحقيقة الأولى .
يقول أفلاطون platon في كتابه ( الجمهورية ) : ليست مهمة العلم الرياضي خدمة التجار في عمليات البيع و الشراء , كما يعتقد الجهال , بل تيسير طريق النفس في انتقالها من دائرة الأشياء الفانية إلى تأمل الحقيقة الخالدة . 
يقول محمد عابد الجابري في كتابه ( تطور الفكر الرياضي و العقلانية المعاصرة ) الصفحة 73 ( و هو يتحدث عن موقف الرياضيين اليونانيين من الأشكال الهندسية ) : و لقد ذهب بهم الأمر إلى حد اعتبار هذه الأشكال الجميلة المتناسقة من صنع الله , فلم يتردد أفلاطون في إدخال الجمال الهندسي في ميدان الخلق الإلهي : فالله في نظره صنع العالم من العناصر الأربعة ( التراب و الماء و الهواء و النار ) بواسطة الأشكال الهندسية المنتظمة. و لذلك اقتصروا على دراستها وحدها , إلى تأمل جمالها و خصائصها .
عند المسلمين : 
جاء في كتاب (العدد ) لجون ماكليش john mcleish الصفحة 167 : كان هدف الخوارزمي من كتابه هذا (رسالة مختصرة في طرائق الجبر و المقابلة ) هو تمكين العلميين من حل مسائل عملية معقدة , مثلا حساب توزيع الإرث على مستحقيه وفقا للشريعة الإسلامية . 
كما يلاحظ في كتابه ( كتاب الجمع و الطرح بالطرق الهندية ) أنه يتناول الضرب و الطرح و توحيد المقام ….. و هي أمور تستعمل في المواريث و القسمة و الوصية و الشفعة و تحديد نصاب الزكاة و مقاديرها .
تقول المستشرقة الألمانية ( زغريد هونكه ) sigrid hunke في كتابها ( شمس العرب تسطع على الغرب ) الصفحة 158 : لقد صاغ الهنود ديانتهم و فلسفتهم في قالب شعري صرف . و لن يكون هذا الأمر فريدا من نوعه , إذ عرفنا أن شعوبا أخرى قد نهجت هذا النهج , كالعرب على سبيل المثال . و لكن الغريب في الأمر أن الهنود لم يتوقفوا عند هذا الحد , و إنما صاغوا , بالإضافة إلى ذلك , علم الرياضيات في قالب شعري غامض ضبابي لم يكن يفهمه إلا المتضلعون المحظوظون . 
و العقل العربي الدقيق في تفكيره السريع في استيعابه للمسائل التي يغلب عليها الجفاف و الخشونة , كان أول من ألقى على القصائد وضوحا ناصعا في وضوح الماس . و كان الخوارزمي , كذلك , أول من طور فن الحساب , و جعل منه فنا صالحا للإستعمال اليومي العملي , و مفيدا بقية العلوم بعد أن وسع فيه و نظمه تنظيما دقيقا . 
و لا أكون خارجا عن الموضوع إذا أوردت قولها من الصفحة 369 : لقد أوصى محمد كل مؤمن رجلا كان أو امرأة بطلب العلم , و جعل من ذلك واجبا دينيا . فهو الذي يقول للمؤمنين ( أطلبوا العلم من المهد إلى اللحد ) . و يرشد أتباعه دائما إلى هذا فيخبرهم بأن ثواب التعلم كثواب الصيام و ثواب تعليمه كثواب الصلاة .
و كان محمد يرى في تعمق أتباعه في دراسة المخلوقات و عجائبها وسيلة للتعرف على قدرة الخالق . و كان يرى أن المعرفة تنير طريق الإيمان مرددا عليهم ( أطلبوا العلم و لو في الصين ) . 
( فإن جماعة إخوان الصفا قد تبنووا الطريقة الفيثاغورية و اهتموا بخواص الأعداد و الأشكال مضيفين عليها صبغة سحرية متأثرين في ذلك بالفيثاغورية المتأخرة خاصة .( ص 78) .
و كانت أول رسائل إخوان الصفا رسالة خاصة بالرياضيات و فيها قولهم ( … و ذلك أن الأمور الطبيعية أكثرها جعلها الباري ,جل ثناؤه , مربعا مثل الطبائع الأربع التي هي الحرارة و البرودة و الرطوبة و اليبوسة . و مثل الأركان الأربعة التي هي النار و الهواء و الماء و الأرض . و مثل الأخلاط الأربعة التي هي الدم و البلغم . و المرتان : المرة الصفراء و الملاة السوداء , و مثل الأزمان الأربعة التي هي الربيع و الصيف و الخريف و الشتاء و مثل ….و مثل … و اعلم يا أخي .. بأن نسبة الباري جل ثناؤه , من الموجودات , كنسبة الواحد من العدد , و نسبة العقل منها كنسبة الإثنين من العدد … كما أنشأ – الله – الإثنين من الواحد بالتكرار… كما أنشأ الثلاثة بزيادة الواحد على الإثنين …..) 
قلنا من قبل أن العرب المسلمين هم من قسم الرياضيات إلى جبر و هندسة فكانوا يحتاحون الهندسة في تحديد القبلة و تحديد منازل القمر لمعرفة الشهور بخاصة شهر رمضان و ذي الحجة و في بناء المساكن و المساجد …. و احتاجوا الجبر في البيع و الشراء والوصية و المواريث و الشفعة و القسمة و الزكاة … و هي أمور تجمع بين الديني و الدنيوي . 
عصر النهضة و ما بعده : 
هبت ريح النهضة على أوروبا من العالم الإسلامي خلال القرنين الثاني عشر و الثالث عشر , و لم تعط ثمارها إلا ابتداء من القرن السادس عشر لأن الصراع بينهما – طيلة قرون – كان يغذي و يشحن التعصب الأروبي و الإحتياط من كل ما هو شرقي و كانو يحتاطون مما ينقلونه عن المسلمين . و أحيانا كانوا يطمسون هوية بعض المراجع الإسلامية و ينسبون محتوياتها إلى أنفسهم و أحيانا أخرى يغيرون الأسماء الإسلامية لتصبح لها نبرة لاتينية ( ابن رشد و ابن سينا و أبو القاسم الزهراوي و ابن باجة ….) بسبب الحروب الطويلة في إسبانيا , و الحروب في تركيا( طيلة العصر العباسي ) , و الحروب الصليبية ثم اجتياح العثمانيين لأوروبا الشرقية كل ذلك كان له الأثر البالغ في هذا الحذر و الإحتياط … ولكن الترجمة عن العربية لم تتوقف لأنها لغة حافظت على التراث الإغريقي والروماني و الهندي … و من سمات الرياضيات عند العرب أنهم كانوا يتكلمونها و يكتبونها بالألفاظ إل الأرقام التي كانت رموزا ( رغم محاولت بعضهم من المتأخرين للتعامل مع الرموز بدل الألفاظ كالبيروني و ثابت بن قرة ..) يقول جون ماكليش في ( العدد) ص187 : ( أما في أوروبا المسيحية فلقد كان تقليدا طوال ما يقرب من أربعة قرون من الزمن تشويه سمعة المساهمة العربية في الرياضيات , و إن كان الأمر لم يكن كذلك في العلوم الأخرى مثل الكيمياء و النبات و الصيدلة و الطب , إذ كان المؤرخون لها أكثر موضوعية , فاعترفوا بالإنجازات العربية …) .
كان الرياضي الفرنسي فرانسوا فييت( francois viete 1540 – 1603م) أول من نادى إلى إستعمال الرموز في الرياضيات فكان أول من استعمل الحروف للدلالة على الأرقام (مثل أ ب ـ ج …) و كان أول من استعمل الحروف للدلالة على الأبعاد الثلاثة : فكان يرمز بحرف ( أ ) مثلا بدل كتابة المستقيم . و يرمز ( أ.أ ) للدلالة على المربع . و يرمز ( أ.أ.أ) مقابل المكعب …..و ترى الكتب الفرنسية أنه كان محامي العائلات البروستانتية في مملكة فرنسا الكاثوليكية ….
ثم يأتي بعده علماء منهم روني ديكارت René Descartes ( 1596 – 1650 م) أبو الفلسفة الحديثة . اخترع نظاما رياضيا سمي باسمه و هو ( نظام الإحداثيات الديكارتية ) الذي شكل النواة للهندسة التحليلية . ألف ست مجلدات من الحجم الكبير منها نصف مجلد في الفلسفة و ما بقي كله في الرياضيات لأنه كان يرى أن الرياضيات هي (العلم الشمولي).و بالتالي كان يريد أن تصل الفلسفة إلى نفس الدقة المنهجية و اليقين المطلق الذي وصلته الرياضيات في عصره وعلى يديه هو شخصياً . كما كان يسعى من تطبيق منهجه الرياضي على الفلسفة إلى الوصول إلى نقطة أولى يقينية واضحة بذاتها يؤسس عليها فلسفته كلها . و هي وجود الأنا أفكر . فهذا الأنا أفكر كان بالنسبة له المبدأ الأول الشبيه بمبادئ الرياضيات التي تؤسس لكل المبرهنات الرياضية التالية عليها . كما يسير ديكارت بالطريقة الإستنباطية السائدة في الرياضيات في مذهبه الفلسفي حيث يستنبط وجود الله و العالم و خلود النفس . فبرهن على وجود الله في كتابه ( تأملات فلسفية ) في التأمل الثالث بثلاث أدلة : الدليل الأول : دليل الكمال الإلهي . و الدليل الثاني : إثبات الوجود الإلهي انطلاقا من وجوده هو ( وجود ديكارت) . الدليل الثالث : الدليل الأنطولوجي

كتب بواسطة

أسعد القيسي من المملكة الاردنية الهاشمية مدير ومؤسس موقع القيسي ويب | الأفضل لكم بدايتي في مجال التدوين من 2011 وفي هذه المدونة اتعلم وانقل لكم كل ما اجده مفيد لكل شخص يهتم بعالم الويب والمدونات.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة © 2016 أولاليت أحمد تصميم القيسي ويب | الأفضل لكم